في ثلث الليل الأخير في صلاة القيام ليلة التاسع والعشرين آخر ليلة في رمضان، ونحن نصلي القيام قرأنا بـ (ص) والدخان، ومرت بنا آيات وعظات، تأمل في قول رب البريات: {هَذَا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ} [ص:٤٩]، ومع تلاوة هذه الآية، بدأت أصوات بكاء شاب صغير في العشرين من عمره ترتفع، بدأت الآيات تهز كيانه، وتحرك قلبه ووجدانه، قطَّع قلوب المصلين ببكائه، وفي الركعة الثانية بدأت آيات سورة الدخان تمر على المسامع لتحرك القلوب صنعت الآيات في صاحبنا عجب العجاب، حتى أشفق المصلون على الشاب من شدة بكائه، ولما انتهت الصلاة التفوا حوله يهدئونه، ويذكرونه برحمة الله وفضل الله، جلست أتحدث أنا وإياه وهو مستمر في بكائه ويقول: والله إني خجل من الله، سنوات طوال وأنا أعصيه وهو يراني، لم أستح من نظره إلي واطلاعه عليّ! سنوات طوال ما صمت فيها ولا صليت، هذا أول رمضان في حياتي أصلي وأصوم وأقوم، كنت أغرق في وحل المعصية والرذيلة، لم يبق ذنب صغير ولا كبير إلا فعلناه وكررناه، سُكر وفواحش ومخدرات، أنام على الأغاني، أصحو على الألحان، أي حياة هذه!! ثم وأنا على هذه الحال وقبل رمضان بليلتين، مرَّ علي الأصحاب وقد جهزت لهم مسكراً ومخدراً، وجئت معي بالعود حيث إني أعزف وأغني لهم، كنا أربعة، أما اثنان منهم فقالا: لقد مللنا من هذا كله، آن الأوان أن نعرف معنى الحياة، لقد ضاع من عمرنا ما فيه الكفاية، ولقد صلينا الليلة العشاء في المسجد، ونريد أن تكون هذه بداية لحياة استقامة ونهاية لحياة الضياع، ولقد كانت بداية ونهاية. يقول صاحبنا: فنزلت أنا وصاحبي بعدتنا من خمر ومسكر، ومضوا هم في طريقهم أمام أعيننا، فإذا بأحد الشباب المستهترين يتلاعب بسيارته يمنة ويسرة وقد انطلق بسرعة جنونية، فانحرفت سيارته واصطدمت بسيارة الشباب في حادث فظيع ونحن نرى ونسمع، جئنا إلى السيارة مسرعين فإذا الشباب قد تقطعت أجسادهم، وسالت دماؤهم، وتكسرت عظامهم، وفاضت أرواحهم إلى باريها {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ} [ق:١٩] {قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [الجمعة:٨] {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} [آل عمران:١٨٥]. سبحان الله! منذ لحظات كانوا معنا، قالوا لنا: مللنا حياة الضياع، هنيئاً لهم! صدقوا ومضوا في لحظات، هنيئاً لهم فلقد خرجوا لتوهم من المسجد بعد أن صلوا العشاء مع الجماعة، ونبينا صلى الله عليه وسلم يقول: (من صلى العشاء في جماعة فهو في ذمة الله حتى يصبح) أمسوا ولكنهم لم يدركوا الصباح. يقول صاحبنا: قلت لصاحبي الذي كان معي وأنا أبكي: كيف لو كنا معهم؟! بأي وجه وعلى أي حال كنا سنلقى الله؟! سنلقاه ونحن سكارى نحمل الخمر والمخدرات معنا!! ما أحلم الله علينا! كم ليلة بتناها على فواحش ومنكرات وهو يرانا. أخذ يروي خبره وخبر أصحابه ودموعه على خده، وأنا أقول في نفسي: هنيئاً لك هذه الدموع، هنيئاً لك هذا الندم، هكذا حال من يريد أن يركب في سفينة النجاة. أخذ يقول: وآخجلي من ربي، كيف طريق النجاة؟! وهل يقبلني بعد أن فعلت وفعلت وفعلت؟! هدَّأت من روعه وبشرته بشارات، بشرته بأنَّ الله غفار لمن تاب وآمن، بشرته بأنَّ التوبة تجب ما قبلها، بشرته بأنَّ التائب من الذنب كمن لا ذنب له، بشرته أنَّ الله يبدل السيئات حسنات، بشرته أنه ليس أحد أفرح بتوبته من الله، بشرته أنه سبحانه يحب التوابين ويحب المتطهرين. كان قد جاء من العمرة منذ ليلتين، شهد ليلة السابع والعشرين في الحرم، ولأول مرة يرى بيت الله، قلت له بعد أن هدأ قليلاً: اذهب الآن حافظ على الصلاة، واحمد الله أن مدَّ في عمرك وأمهلك، قال: الحمد لله الذي أمهلنا ولم يأخذنا على حين غرة، قلت: اترك صحبة السهر والضياع، والزم أصحاب الخير، اركب معهم سفينة النجاة، وأنا أنتظرك بعد أيام، أنتظرك بعد العيد لنتحدث أنا وإياك. اتصل علي بعد العيد بأيام، قال: سأصلي معك الفجر غداً إن شاء الله، جاء على الموعد، نظرت في وجهه فإذا هو بدأ يظهر عليه نور الإيمان ووقار الصالحين، قلت: صدق الله حين قال: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} لما تكلَّم ظهر من كلامه الراحة والاطمئنان، أول ما تكلم قال: ما أجمل صلاة الفجر وما أجمل القرآن! قلت في نفسي: سبحان الله! بالأمس معازف وألحان واليوم صلاة وقرآن، قال: جئت باثنين من أصحاب الماضي وهم على استعداد لركوب سفينة النجاة، فلقد ملوا حياة الضياع، قلت له: كيف ومتى بدأ الضياع؟! قال: بدأ وأنا في الأول المتوسط، بدأ بسيجارة ثم حبوب للمذاكرة، ثم سهر وتخلف عن الصلوات، ثم حشيش وخمر وفواحش ومنكرات، ثم سفر وضياع سبع سنوات على هذه الحال، {وَلَوْلا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ} [الصافات:٥٧] ما أحلم الله علينا! كم ليلة بتناها على فواحش ومنكرات! أخذ يقول: وآخجلي من ربي جل في علاه. قلت: احمد الله واستقم على طريق الاستقامة. اللهم اقبل توبة التائبين اللهم اقبل توبة التائبين اللهم اقبل توبة التائبين، واغفر ذنوب المذنبين، ودلَّ الحيارى واهد الضالين، واغفر للحاضرين والغائبين، واغفر للأحياء وللميتين. ............................................................................................... شارك الفيديو وانشره, فالدال على الخير كفاعله. #قناة_الشيخ_خالد_الراشد #الشيخ_خالد_الراشد #خالد_الراشد قناة التلغرام ( Telegram ) : https://t.me/drralraashid صفحة الفيس بوك ( Facebook ) : https://www.facebook.com/2006.khaled.rashed

خالدالراشدالشيخ خالد الراشدقناة الشيخ خالد الراشدمواعظ الشيخ خالد الراشدمحاضرات الشيخ خالد الراشدمقاطع الشيخ خالد الراشدخالد الراشد مواعظخالد الراشدقصة توبةتوبةخالد الراشد توبةخالد الراشد قصة مؤثرةقصة مؤثرة خالد الراشدمؤثر خالد الراشدتوبة مؤثرة خالد الراشدقصة توبة شابخالد الراشد توبة شاب مؤثرة